lundi 4 juillet 2016

ماذا قال الأمازيغ القدماء عن الأسلام و العرب و اللغة العربية خلال الفترة اللتي تلت و سبقت القرن 7ميلادية ؟


أدلة أثرية و مخطوطات تاريخية صادمة تعود للقرون الأولى لأنتشار الاسلام في شمال أفريقيا لا تتحدث  لا عن الأسلام ولا عن اللغة العربية أو العرب أو المسلمين أو الرسول محمد أو الاله الاسلامي بنسخته الحالية وتنفي علم الأمازيغ القدماء بما نعرفه حاليا من المصادر العربوأسلامية

لا يعرف كثير من الناطقين بالأمازيغية اليوم بالمغرب وشمال أفريقيا أن الأمازيغ القدامى قبل أو خلال القرون الأولى من انتشار الإسلام كانوا يسمون "العربية" بـ Taserɣint (تاسرغينت) وكانوا يسمون "العربي" بـ Aserɣin (أسرغين) وكانوا يسمون العرب بـ Iserɣinen (إيسرغينن).

والواضح من المخطوطات الأمازيغية القديمة أن هذا المصطلح (Aserɣin وTaserɣint) كان واسع الانتشار لدى الناطقين بالأمازيغية عموما أو على الأقل لدى الناطقين بالأمازيغية الشرقية (أمازيغية تونس وليبيا والغرب المصري). ولكن مع تأثير انتشار المصطلحات العربية عبر المسجد والمسيد (المدرسة القرآنية) لدى الناس في المجتمعات الأمازيغية في القرون اللاحقة اندثر هذا المصطلح الأمازيغي القديم في معظم المناطق الناطقة بالأمازيغية، وحل محله مصطلح أمازيغي جديد هو Aɛrab (أعراب) وTaɛrabt وAɛraben وTaɛrabin كتكييف أمازيغي للكلمتين العربيتين "أعراب" و"عرب".

أما لدى الطوارق فنجد حاليا هذه الكلمة دون حرف (ع) هكذا: Arab وAraben وTarabt وTarabin. وتوجد لدى الطوارق حاليا أسماء أخرى لـ"العربي" و"العربية" مثل Agelgal أگلگال وTagelgalt تاگلگالت.

اليوم نعرف أن الأمازيغ القدامى كانوا يسمون "اللغة العربية" بـ Taserɣint (تاسرغينت) وأنهم كانوا يسمون "العربي" بـ Aserɣin (أسرغين). 

نعرف هذا بفضل مخطوط أمازيغي إباضي قديم اسمه "كتاب البربرية" Kitab al-Barbariyya يقدر تاريخ تأليف نصه في ما بين حوالي القرن 11 الميلادي والقرن 14 الميلادي أي منذ حوالي 700 إلى 1000 سنة قبل اليوم. 

وقدر المختصون هذا التاريخ على أساس تحليل طريقة الكتابة الإملائية ووجود عدة أساليب لغوية قديمة غير موجودة حاليا في الأمازيغية (مثل طريقة استعمال الأعداد في: sen yur "شهران"، sen ɣil "ذراعان"، semmes menkuc "خمسة دنانير"، udmawen ayarḍin "الوجوه الثلاثة/الجوانب الثلاثة").

كما أنه توجد في المخطوط كلمات أمازيغية قديمة جدا لم تعد مستعملة اليوم في الأمازيغية مثل الاسم الأمازيغي القديم لـ"الإسلام (الدين الإسلامي)" وهو: Aykuzen، وأحد أسماء "الله" بالأمازيغية القديمة وهو: Ababay.

وطيلة قرون تم حفظ هذا المخطوط عبر نسخه مرات عديدة ومتوالية وتوزيعه في أوساط الإباضيين في تونس وليبيا والجزائر. وتوجد منه حاليا أربع نسخ. وتقع أكبر هذه النسخ من "كتاب البربرية" في 894 صفحة فيها حوالي 20.000 سطر وتوجد تحت الدراسة لدى البروفيسور الإيطالي Vermondo Brugnatelli المتخصص في اللغة الأمازيغية في جامعة Università di Milano-Bicocca في إيطاليا، والذي ينشر عدة أبحاث حولها منذ بضع سنوات. 

وأكد باحثون مثل Adolphe de Calassanti-Motylinski أن نصوص مخطوط "كتاب البربرية" الأمازيغي التونسي/الليبي أقدم حتى من نصوص المخطوطات الأمازيغية السوسية المغربية. وهذا يجعل "كتاب البربرية" ربما أقدم نص أمازيغي مخطوط معروف لحد الآن.

وفي هذا المخطوط الأمازيغي القديم ("كتاب البربرية") نجد دليلا قاطعا إضافيا على أن الأمازيغ في أوائل فترة دخول الإسلام وانتشار المذهب الخوارجي ثم الإباضي كانوا يسمون لغتهم بـ Tamaziɣt (تامازيغت) وهذا يدل على تجذر كلمة Tamaziɣt في اللغة الأمازيغية. وتمت كتابة هذه الكلمة في ذلك المخطوط الأمازيغي بالحروف العربية هكذا: تَمَزِيغْتْ.

مخطوط "كتاب البربرية" يعود أصله على الأرجح إلى تونس أو ليبيا ومؤلفه هو فقيه إباضي اسمه أبو زكريا يحيى اليفرني Abu Zakariya Yaḥya Al-Yefreni. وتم تأليف المخطوط بهدف ترجمة وشرح الفقه الإباضي بالأمازيغية من مدونة فقهية إباضية بالعربية لفقيه إباضي آخر يسمى "أبو غانم بِشْر الخراساني" ويشار إليه بـ Buɣanem "بوغانم" في النصوص الأمازيغية.

 ويشرح هذا المخطوط الأمازيغي الفقه الإسلامي الإباضي للسكان (مثل العقيدة والصلاة والصوم والزكاة والزواج والطلاق والميراث...إلخ).

من الواضح أن "كتاب البربرية" كان موجها لعامة الناس وطلبة الفقه الناطقين بالأمازيغية ولذلك تعمد صاحبه كتابته باللغة الأمازيغية السائدة آنذاك، حيث أن معرفة معظم الناس بالعربية كانت ضعيفة بل شبه منعدمة. ووجود كلمة "أسرغين" Aserɣin (العربي) فيه يعني أنها كانت كلمة أمازيغية معروفة على المستوى الشعبي في ذلك الزمن القديم. 

ونفس الشيء نقوله عن انتشار كلمة Tamaziɣt في ذلك العصر القديم على أساس ورودها في ذلك المخطوط الإباضي على شكل "تَمَزِيغت".

كما نجد في مخطوط "كتاب البربرية" كلمات أمازيغية قديمة انقرضت حاليا ومنها مصطلحات دينية أمازيغية من الواضح أنها كانت تعود إلى فترة ما قبل الإسلام (عصور المسيحية والأديان الأمازيغية). وواصل الأمازيغ آنذاك استخدام مصطلحاتهم الأمازيغية العائدة لما قبل الإسلام في السياق الإسلامي الإباضي لترجمة المفاهيم والمصطلحات الإسلامية العربية، كما هو الحال في كل اللغات الأخرى.

وتتميز اللغة الأمازيغية المستخدمة في مخطوط "كتاب البربرية" بطابعها الزناتي الواضح وتشابهها الكبير مع اللهجات الأمازيغية الزناتية الحالية في شمال ليبيا وتونس والنصف الشمالي من الجزائر (بما فيه غرداية Taɣerdayt، المزاب) وأمازيغية الريف وفيگيگ Ifeyyey / Figig بشمال المغرب وأمازيغية سيوا Isiwan في غرب مصر.

1) "أسرغين" Aserɣin اسم أمازيغي قديم لـ"العربي":

كلمة "أسرغين" Aserɣin تعني "العربي" في الأمازيغية القديمة وجمعها "إيسرغينن" iserɣinen (العرب)، ومؤنثها المفرد: "تاسرغينت" Taserɣint (العربية)، وجمعها المؤنث: "تيسرغينين" Tiserɣinin (العربيات).

وجود هذا المصطلح في مخطوطات أمازيغية قديمة يعود أحدها إلى أوائل عصر انتشار الإسلام إلى بلاد الأمازيغ، هو دليل في حد ذاته على قدم وجود هذا المصطلح في اللغة الأمازيغية.

 أما الشيء الآخر المثير للاهتمام فهو أن هذه الكلمة مازالت حية ومستخدمة لحد الآن لدى الناطقين باللغة الأمازيغية في منطقتين على الأقل وهما منطقة أوجيلة Awilan / Awjila في شرق ليبيا ومنطقة سيوا Isiwan / Siwa في غرب مصر، حسب الباحث الجزائري الأمين سواق Lameen Souag والباحث الإيطالي Vermondo Brugnatelli والباحث السويسري Werner .Vycichl والباحث الهولندي Marijn van Putten.

ففي أمازيغية أوجيلة Awilan / Awjila في شرق ليبيا (جنوب بنغازي) يستخدم السكان لحد الآن كلمة Acerɣin (أشرغين) ومعناها "البدوي" أي "الشخص الرحال غير المستقر أو ساكن البادية"، حيث أن أمازيغية أوجيلة الليبية تستبدل أحيانا السين الأمازيغي (s) بالشين الأمازيغي (c) حيث يقولون مثلا yecwa (يشوا) بدل yeswa (يسوا) ومعناه: شَرِبَ، ويقولون أيضا acired (أشيرد) بدل asired (أسيرد) ومعناه: الغسل. أما في منطقة سيوا Isiwan / Siwa المصرية الناطقة بالأمازيغية فيستخدم السكان لحد الآن كلمة Aṣerɣin (أصرغين) ومعناها "العربي البدوي" حسب اللساني الجزائري الأمين سواق Lameen Souag.

ويبدو أن انتشار كلمة "أسرغين" Aserɣin قديما ودلالتها على "العربي" على مدى لهجات أمازيغية متباعدة جغرافيا ووجود دليل قاطع (المخطوطات الأمازيغية) على قدم استعمالها يشيران إلى كونها كلمة "أمازيغية عامة" pan-Berber كانت تشترك فيها معظم لهجات اللغة الأمازيغية أو على الأقل لهجات اللغة الأمازيغية الشرقية (التونسية والليبية والمصرية)، على غرار كلمة Uday "اليهودي" التي نجدها في معظم لهجات اللغة الأمازيغية.

2) "تاسرغينت" Taserɣint اسم أمازيغي قديم للغة العربية:

وردت في المخطوط الأمازيغي "كتاب البربرية" استعمالات عديدة واضحة لكلمة "تاسرغينت" Taserɣint للدلالة على "اللغة العربية"، حيث نجد الجملة الأمازيغية التالية في ذلك المخطوط:
Ula d Taserɣint aǧ iǧǧull ula d Tamaziɣt
... اولا تسَرْغِنْت اجـجّول اولا تمزِيغْتْ ...
 المعنى: "... سواء أقْسَمَ (حَلَفَ) بالعربية أو بالأمازيغية ...".

ونجد أيضا في المخطوط هذه العبارة الأمازيغية:
Ed uyur Aserɣin lid ed uyur Aɛeǧmi
... اذيور اسرغين لِذ اذيور اعجمي ...
المعنى: "... مع الشهر العربي ليس كما مع الشهر العجمي ...".

ونجد أيضا في المخطوط هذه العبارة الأمازيغية:
Yenwa Userɣin
... ينوا وسرغين ...
المعنى: "... قال العربي ...".

كما نجد أيضا في المخطوط هذه العبارة الأمازيغية:
nnan iserɣinen
... نّان ايسرغينن ...
المعنى: "... قال العرب ...".

إذن المخطوط الأمازيغي "كتاب البربرية" يقدم لنا دليلا تاريخيا واضحا ومؤكدا على أن الأمازيغ القدامى كانوا يسمون لغتهم Tamaziɣt (تَمَزِيغْتْ) وأنهم كانوا يسمون اللغة العربية Taserɣint (تَسرغِـنْت).

السؤال المطروح الآن هو: لماذا سمى الأمازيغُ القدامى "العربيَّ" بـ Aserɣin و"العربيةَ" بـ Taserɣint وليس Aɛrab (أعراب) وTaɛrabt (تاعرابت) كما هو شائع حاليا لدى معظم الناطقين بالأمازيغية؟

الجواب الذي يمكن اقتراحه هو أن الأمازيغ القدامى (أو على الأقل الأمازيغ الشرقيين القدامى في تونس وليبيا وغرب مصر) كانوا ربما يعرفون العرب أو الشرقيين عبر القبط أو عبر الإغريق أو عبر البيزنطيين بالاسم الإغريقي Sarakenoi (ساراكينُوي) أو بالاسم اللاتيني Saraceni (ساراكيني) قبل ظهور الإسلام أو خلال بدايات فترة انتشار الاسلام. فتطورت الكلمة الأمازيغية Aserɣin (أسرغين) تدريجيا من الكلمة الإغريقية أو اللاتينية التي عُرِفَ بها العربُ أو سكان شمال شبه الجزيرة العربية.

ويمكن أن نستنتج من المخطوط الأمازيغي "كتاب البربرية" أن كلمة Aserɣin وTaserɣint كانت معروفة لدى الأمازيغ منذ أوائل انتشار الإسلام الخوارجي والإباضي أو ربما قبل الغزو الراشدي لمصر وليبيا وقبل الغزو الأموي لتونس وبقية العالم الأمازيغي، وذلك لأن التغير والتحور من Saraceni أو Sarakenoi إلى Aserɣin يتطلب وقتا ليس بالقصير. 

والكاتب الأمازيغي للمخطوط الإباضي استعمل المصطلح Aserɣin وTaserɣint بكل ثقة وتلقائية واثقا من أن القارئ سيفهمه. ولا يتعامل أحد بهذه الثقة والتلقائية مع مصطلح ما إلا حينما يكون متيقنا من أنه مصطلح شعبي معروف يفهمه الجميع فورا. ولو كان هذا المصطلح غير مفهوم لدى القارئ الأمازيغي لعمد كاتب "كتاب البربرية" إلى استعمال مصطلح آخر يفهمه الناس، فالغرض من الكتاب هو ديني يتمثل في شرح الفقه الإباضي والعقيدة الإباضية للطلبة والناس عموما. 

والكاتب الأمازيغي لم يتردد في استعمال الكثير من المصطلحات العربية في "كتاب البربرية" (مثل كلمة elfarayeḍ "الفرايض" أي "الفرائض")، فلا مبرر لأن يحجم هنا عن استعمال كلمة أخرى بديلة لـ Taserɣint (تاسرغينت) تؤدي معنى "اللغة العربية" لو كانت تلك الكلمة البديلة أكثر انتشارا لدى الناطقين بالأمازيغية.

ومن المرجح أن كلمة Aɛrab (أعراب) أو Taɛrabt (تاعرابت) أو ما يشابهها لم تكن معروفة لدى الناطقين بالأمازيغية خلال القرون الأولى من انتشار الإسلام، أو لم تكن منتشرة بشكل واسع لديهم آنذاك. والصوت (ع) غير أصيل في اللغة الأمازيغية ودخل إليها غالبا من العبرية والعربية.

وتجدر الإشارة إلى أنه توجد في اللغة الأمازيغية كلمات Taserɣint (تاسرغينت) وTaṣerɣint (تاصرغينت) وTawṣerɣint (تاوصرغينت) وTiserɣin (تيسرغين) التي تطلق على نبات يسمى بالعربية "بخور البربر" ويسمى باللاتينية Telephium imperati (حسب المعجم العربي الأمازيغي لمحمد شفيق). والنبتة معروفة لدى الناطقين بالدارجة المغربية أيضا بـ"تاسرغينت".

 ويبدو أن الاسم الأمازيغي لهذه النبتة يتشابه بالصدفة مع الاسم الأمازيغي القديم Taserɣint (تاسرغينت) الذي يعني "العربية". وذكر ابن بطوطة أيضا هذه النبتة تحت اسم "تاسرغنت". ويبدو أن اسم النبتة جاء من الفعل الأمازيغي serɣ (سرغ) الذي يعني "أشعل، أحرق، أضاء" خصوصا أن النبتة تحرق وتستخدم كبخور ودواء شعبي. ويوجد في اللغة الأمازيغية الاسم aserɣi (أسرغي) الذي يعني "الإشعال، الحرق"، والاسم aserɣu (أسرغو) الذي يعني "الوقود، الحطب".

3) كلمة "إيسرغينن" Iserɣinen في التاريخ المغربي والأمازيغية المغربية:

ذكر المؤرخ عبد الواحد المراكشي الذي عاش في القرنين 12 و13 الميلاديين قوم/قبيلة "ايسرغينن" iserɣinen كـ"قوم" ينتمون إلى قبيلة هرغة في المغرب الأقصى، كما يلي:

"ولما كانت سنة 515 [هجرية] قام بسوس محمد بن عبد الله بن تومرت في صورة آمر بالمعروف ناه عن المنكر. ومحمد هذا رجل من أهل سوس مولده بها بضيعة منها تعرف بإيجلي أنْ وارغن وهو من قبيلة تسمى هرغة من قوم يُعرفون [بِـ] ايسرغينن وهم الشرفاء بلسان المصامدة. ولمحمد بن تومرت نسبة متصلة بالحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب وُجِدَت بخطه".
المصدر: "المعجب في تلخيص أخبار المغرب"، عبد الواحد المراكشي، طبعة Leiden سنة 1881.

إذن المؤرخ عبد الواحد المراكشي يقول لنا بأن معنى مصطلح "ايسرغينن" بلسان المصامدة (أي: اللغة الأمازيغية المغربية) هو "الشرفاء"، والمقصود النهائي هنا طبعا هو "العرب" لأن فكرة "الشرفاء" و"النسب الشريف" في هذا السياق هي فكرة عربية إسلامية تدور حول الانتساب إلى قبيلة قريش العربية.

وهذا يعني أن تلك القبيلة (أو "القوم") المتفرعة من هرغة في سوس والمسماة "ايسرغينن" إما عربية الأصل فعلا وإما هي من القبائل أو العائلات الأمازيغية التي انتحلت ما يسمى بـ"النسب العربي الشريف" للمآرب السياسية والاجتماعية المعلومة. وابن تومرت نفسه ادّعى بأنه من نسب علي بن أبي طالب والنبي محمد، ولاحقا أعلن ابن تومرت أنه المهدي المنتظر. 

المهم هنا هو أن مدلول مصطلح "ايسرغينن" iserɣinen الأمازيغي في هذا السياق الأمازيغي المغربي التاريخي الذي ذكره المؤرخ المراكشي هو مدلول واضح وهو: "النسب العربي". إذن فنحن نجد في المغرب الأقصى أثرا تاريخيا واضحا لكلمة iserɣinen الأمازيغية القديمة التي تعني "العرب" في أمازيغية مخطوط "كتاب البربرية" التونسي/الليبي.

ولدينا في المغرب أيضا "قلعة السراغنة" المعلومة. ويبدو أن كلمة "السراغنة" ليس سوى جمع بالدارجة للكلمة "السرغين" أو "السرغيني" التي تقابلها في الأمازيغية "أسرغين" Aserɣin. والصيغة المفردة في الدارجة: "السرغيني" هي اسم عائلي يحمله بعض المغاربة. وهناك مغاربة آخرون يحملون الاسم العائلي "أسرغين" أي بصيغته الأمازيغية الصرفة.

وتوجد في المغرب قرية Aserɣin (أسرغين) وتكتب بالطريقة الفرنسية: Asserghine جنوب مدينة أرفود Arfud. وفي الجزائر في ولاية بجاية Bgayet توجد قرية تسمى Tiserɣin (تيسرغين) وتكتب بالطريقة الفرنسية: Tisserghine. 

وفي المغرب في إقليم تينغير Tinɣir توجد قرية اسمها "سرغين" Serɣin (تكتب بالطريقة الفرنسية: Serghine) قرب ضفة نهر دادس Dades. 

وفي الجزائر توجد أيضا قرية اسمها "سرغين" Serɣin (تكتب بالطريقة الفرنسية: Serghine) في ولاية تيارت Tyaret / تاهرت Tahert. ولا نعرف ما إذا جاءت أسماء هذه القرى من اسم العشبة المعروفة أم من اسم "العرب" بالأمازيغية الكلاسيكية القديمة أم أنها ربما تعني "الأرض المحروقة" المقتطعة من الغابة أو "أرض الحطب".

4) أصل الكلمة الأمازيغية Aserɣin "أسرغين" وعلاقتها بالكلمة اللاتينية Saraceni "ساراكيني" والكلمة السريانية Sarqaye "سارقايه":

من المرجح جدا أن كلمة Aserɣin "أسرغين" (التي تعني: العربي) هي تكييف أمازيغي قديم للكلمة اللاتينية Saracenus (ساراكينوس) وصيغة جمعها باللاتينية هي Saraceni (ساراكيني) أو للكلمة الإغريقية Sarakenos وصيغة جمعها Sarakenoi (ساراكينُوي).

 وانتقلت الكلمة اللاتينية Saraceni أيضا إلى اللغات الأوروبية، حيث نجدها في الإنجليزية بصيغة Saracens وفي الفرنسية بصيغة Les Sarrazins أو Les Sarrasins وفي الألمانية بصيغة Sarazenen. واحتفظت الإيطالية بالصيغة اللاتينية Saraceni ولكن نطقها الإيطالي أصبح "ساراتشيني" وصيغة المفرد الإيطالية هي Saraceno (ساراتشينو).

الشبه قوي وواضح بين كلمة Aserɣin "أسرغين" الأمازيغية وكلمة Saraceni (ساراكيني) اللاتينية (حرف C في اللغة اللاتينية ينطق دائما "ك") أو Sarakenoi الإغريقية. والمعاني المتطابقة تاريخيا بين الكلمات الثلاث الأمازيغية واللاتينية والإغريقية تشير إلى علاقة بينها.

من الممكن جدا أن حرف C (ك) في كلمة Saraceni اللاتينية أو K في Sarakenoi الإغريقية تحول إلى Ɣ (غ) في كلمة Aserɣin الأمازيغية. وتوجد كلمة أمازيغية حدث فيها هذا التحول من C (ك) اللاتيني إلى Ɣ (غ) الأمازيغي وهي كلمة taɣawsa (تاغاوسا) الأمازيغية التي يتفق كثير من اللسانيين المتخصصين في الأمازيغية على أنها جاءت من الكلمة اللاتينية causa (كاوسا). ومعنى الكلمتين Taɣawsa الأمازيغية وCausa اللاتينية متطابق وهو: الشيء، المسألة. (علما أن الأمازيغية تملك مرادفات أخرى عديدة تؤدي نفس هذا المعنى، وهي: Aweẓlo وTalɣa وAsekkin).

إذن من المعقول جدا أن نفترض أن كلمة Aserɣin الأمازيغية التي تعني "العربي" تطورت من كلمة Saraceni (ساراكيني) اللاتينية أو من كلمة Sarakenoi الإغريقية اللتين كان يطلقها الرومان والبيزنطيون والإغريق على سكان صحراء شمال شبه الجزيرة العربية.

احتل الرومان الشام وفلسطين/إسرائيل والأردن منذ القرن الأول قبل الميلاد. وفي الصحراء المجاورة قرب الحدود الرومانية عاشت قبائل سماها الرومان Saraceni (ساراكيني) واعتبروها من قبائل "البرابرة" Barbari مثلما فعلوا مع سكان شمال أفريقيا الأمازيغ والقبط ومع الفرس في آسيا والقبائل الجرمانية في أوروبا وشعوب أخرى، لأن كل من لا يخضع للحكم الروماني أو لا يتكلم الإغريقية أو اللاتينية هو من "البرابرة" حسب ذلك المنظور الروماني الإغريقي القديم. وكانت هناك فترات قام فيها الرومان بتجنيد رجال من قبائل Saraceni للخدمة في الجيش الروماني في منطقة الشرق الأدنى (الشرق الأوسط). 

 وفي أوائل انتشار الإسلام والحروب الإسلامية البيزنطية أصبح البيزنطيون يطلقون Saraceni (ساراكيني) على كل المسلمين بمن فيهم العرب والترك والفرس. وأطلق الأوروبيون أيضا Saraceni (ساراكيني) على مسلمي الأندلس ومسلمي البلدان الأمازيغية.
والمؤرخ الإغريقي بطليموس Klaudios Ptolemaios أطلق في مؤلفه الجغرافي Geographike Hyphegesis في القرن الثاني الميلادي كلمة Sarakenoi (ساراكينُوي) على سكان شمال غرب شبه الجزيرة العربية قرب سيناء.

إذن فمصطلح Saraceni (ساراكيني) اللاتيني وSarakenoi (ساراكينُوي) الإغريقي بدأ أولا (في الأدبيات الإغريقية والرومانية والبيزنطية) كمصطلح يدل على جزء من العرب أو جزء من سكان الشرق الأدنى، ثم تم تعميمه على كل العرب أو كل سكان الشرق الأدنى، ثم عممه الأوروبيون على كل المسلمين.

ومن أقدم الأصول المحتملة لكلمة Saraceni اللاتينية وSarakenoi الإغريقية هناك الكلمة السريانية Sarqaye (سارقايه) التي تم استخدامها للإشارة إلى إحدى قبائل الرحل من صحراء شمال شبه الجزيرة العربية، من طرف كاتب سرياني غنوصي العقيدة اسمه Bardaiṣan في القرن الثالث الميلادي. وقد ذكر هذا الكاتب بالسريانية قبيلة Sarqaye (سارقايه) بجانب قبيلة Ṭayaye (طايايه) التي تعني ربما قبيلة "طيء" المسيحية في شمال شبه الجزيرة العربية.

وحسب اللغوي السويسري Werner Vycichl فالكلمة الأمازيغية Aserɣin (أسرغين) التي تعني "العربي" قد تكون تطورت في اللغة الأمازيغية انطلاقا من الكلمة القبطية Sarakenos التي هي بدورها اقتراض قبطي للكلمة الإغريقية التي تحدثنا عنها، والتي صيغة جمعها: Sarakenoi.

5) خلاصة حول مصطلح Aserɣin "أسرغين" في اللغة الأمازيغية:

من كل سبق نستنتج أن مصطلح Aserɣin "أسرغين" وTaserɣint "تاسرغينت" كان يعني "العربي" و"العربية" في الأمازيغية القديمة في أوائل الإسلام، وهو شيء تؤكده المخطوطات الأمازيغية القديمة بما لا يدع مجالا للشك. ومن المرجح أنه مصطلح تطور في اللغة الأمازيغية من الكلمة اللاتينية Saraceni أو من الكلمة الإغريقية Sarakenoi قبل انتشار الاسلام أو خلاله أو بعده بقليل.

والشيء الآخر الذي يمكن استنتاجه هو أن مصطلح Aserɣin كان منتشرا (بدرجات ما) من سيوا بمصر إلى أقصى سوس بالمغرب منذ أوائل انتشار الإسلام بدليل ذكره بصيغة الجمع Iserɣinen "إيسرغينن" كاسم لقبيلة/قوم من المغرب من طرف المؤرخ عبد الواحد المراكشي الذي قال أنه مصطلح يعني في لسان المصامدة: "الشرفاء" (أي: المنتسبي ن إلى الهاشميين من قبيلة قريش العربية).

ويبدو أن المعنى الأصلي لـ Aserɣin في الأمازيغية كان هو "العربي" . ولاحقا تحور وتطور معنى Aserɣin "أسرغين" ظاهريا إلى مفهوم "الشرفاء" بالمغرب وإلى مفهوم "البدويين" أو "العرب البدويين" في الأمازيغية المنطوقة حاليا في شرق ليبيا وفي غرب مصر.

 أما المعنى الأصلي أو الأول للمصطلح Aserɣin في الأمازيغية فهو كان على الأرجح معنى إثنيا بسيطا: "العرب"، بدون صفات "الشرف" ولا "البداوة". 

ومن المرجح أن صفتي "الشرف" و"البداوة" التصقتا سطحيا بمدلول مصطلح Aserɣin "أسرغين" في فترة لاحقة. 

وقد تكون هاتان الصفتان ناتجتين عن هجرات "العرب البدو" و"العرب الأشراف" لاحقا إلى العالم الأمازيغي، بالإضافة إلى عائلات أو قبائل أمازيغية انتحلت النسب القرشي العربي "الشريف" لأغراض سياسية واجتماعية.

6) مصطلحات دينية أمازيغية قديمة من "كتاب البربرية":

من بين المصطلحات الدينية الأمازيغية القديمة التي توجد في "كتاب البربرية" الإباضي لدينا هذه الأمثلة:

Yuc (يوش) = الله

Bab enneɣ (باب انّغ) = ربنا / مالِكنا / الله

Ababay = الإله / الرب / الله

ibabayyen = الآلهة / الأرباب

Aykuzen = الإسلام (الدين الإسلامي)

Tira = الكتاب / القرآن

iser = النبي / الرسول

isaren = الأنبياء / الرسل

Anǧlusen (أندجلوسن) = الملائكة. (ربما من اللاتينية: angelus)

Adaymun = الشيطان. (ربما من اللاتينية: daemon)

idaymunen = الشياطين

Tizzarnin = صلاة الظهر

Tuqzin (توقزين) = صلاة العصر

Tin wučču (تين ووتّشو) = صلاة المغرب

Tin yiḍes (تين ييضس) = صلاة العشاء

Tin uzečča (تين وزتّشا) = صلاة الصبح

Tifellas = أهل الكتاب / أهل الجزية والعهد (اليهود والمسيحيون)

imusnawen = الفقهاء

Tafeṣka (تافصكا) = العيد

Tifeṣkawin (تيفصكاوين) = الأعياد

Tir meǧǧut (تير مدّجوث) = الإثم / الخطيئة

Abekkaḍu أو Abekkaḍo (ابكّاضو) = الإثم / الخطيئة

Taǧerzawt (تادجرزاوت) = الندم / التوبة

Amerkidu = الأجر / الثواب

Aymir = الحد / العقوبة الإسلامية

Uluf = الطلاق

Amatus = الوليّ (ولي أمر المرأة)

Tamzilt = الكفّارة (للتكفير عن ذنب من الذنوب)

Tiɣri (تيغري) = القراءة

Asired (أسيرذ) = الوضوء الأسفل / الغسل

Asineǧ (أسيندج) = الوضوء الأعلى / الغسل

injan = الوسخ

Tazduǧi (تازذودجي) = الطهارة

Yessureǧ (يسّوردج) = جَوَّزَ / أجازَ (أباحَ / رخَّصَ)

Ekset = ورث – يرث

Amekkasu = الوارث

Tiyusawin = المواريث / الميراث

Amenkuc (أمنكوش) = الدينار الشرعي (عملة الدينار)

Adrim (أذريم) = الدرهم الشرعي (عملة الدرهم)

idaddayen = الوالدان (الأب والأم)

Timirt = الوقت / الزمن

Tasefri = الدار (البيت / المنزل)

Ayur Aserɣin (ايور اسرغين) = الشهر العربي

enneflen diy-s (انّفلن دِيي - س) = اختلفوا فيه (اختلفوا حوله)

edduklen fell-as (ادّوكلن فلّا - س) = اتفقوا عليه (اتفقوا حوله)

aǧǧdet Yuc Bab enneɣ (ادّجدث يوش باب نّغ) = اِتَّقوا اللهَ ربَّنا!

yenwa wel yeǧǧur (ينْوا ول يدّجور) = قال لا يمشي (قال: لا يَصْلُح)

7) استخدام الأعداد الأمازيغية في "كتاب البربرية":

هذه بعض العبارات الأمازيغية التي تم فيها استخدام الأعداد الأمازيغية كما وردت في مخطوطات "كتاب البربرية":

iǧǧen (اِدّجن) = واحد

iǧǧet (اِدّجث) = واحدة

sen ɣil (سن غيل) = ذراعان

sen yur = شهران

careḍ lɣem (شارض لْغم) = ثلاثة جِمال (ثلاثة من البعير)

careḍ tikkal = ثلاث مرات

careḍ wussan = ثلاثة أيام

udmawen ayarḍin (ؤذماون أيارضين) = الوجوه الثلاثة

sent tunna = الثلثان

uqqez yur (ؤقّز يور) = أربعة شهور

semmes drim = خمسة دراهم

semmes lɣem (سمّس لْغم) = خمسة جِمال

semmes menkuc (سمّس منكوش) = خمسة دنانير

ḍza yur (ضزا يور) وأيضا zaz yur = ستة شهور

sa lɣem = سبعة جِمال

tam yur = ثمانية شهور

tis yur = تسعة شهور

mraw menkuc (مْراو منكوش) = عشرة دنانير

mraw en yiḍan (مْراو ان ييضان) = عشر ليال

sent en tmaḍ en yidrimen = 200 درهم

semmes tmaḍ (سمّس تماض) = خمسمائة

ifeḍ en wulli (إفض ان وولّي) = 1000 من الغنم

sen yifḍan (سن ييفضان) = 2000

الصور أعلاه تعود للفترة البيزنطية بشمال افريقيا و التمظهرات الحضارية فيها لنقائش الموزايك في كل من ليبيا ، تونس والجزائر و المغرب اللتي سبقت وعاصرت القرن السابع ميلادية ومابعده

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire