أشارت أبحاث سابقة إلى أن البشر بدأوا يتزاوجون مع أقربائهم النياندرتاليين الأكبر حجمًا، ذوي الحواجب الكثيفة، عندما هاجروا من أفريقيا، وبدأوا ينتشرون في أنحاء العالم. وحين غادروا القارة الأفريقية التقوا بالنياندرتاليين، الذين عاشوا في أوروبا وآسيا، وتخالطوا معهم.
توجد جينات النياندرتال اليوم في البشر نتيجة هذا الاحتكاك، وتوصلت دراسات أخيرة إلى أن هذه الجينات تقوم بدور مؤثر في تكوين الإنسان الحديث، من مناعتنا إلى تعرّضنا للمرض.
لكن الاكتشاف الجديد، الذي يبيّن انتقال الجينات بالاتجاه المعاكس، من البشر إلى النياندرتاليين، يكشف أن التزاوج كان جاريًا قبل آلاف السنين مما كان يعتقد في السابق. ولا يُعرف حتى الآن تأثير انتقال جينات الإنسان الحديث على النياندرتاليين
مصدر الاكتشاف الجديد عن الحياة الجنسية لأسلافنا هو امرأة من النياندرتال، عُثر على رفاتها في كهف بعيد، في جبال الألطاي بسيبيريا في روسيا وقد قدر عمرها بحوالي 65،000 إلى 47،000 سنة، وأظهرت التحليلات الوراثية وجود أقسام من الحمض النووي للإنسان الحديث في جينوم المرأة النياندرتالية، مؤكدة أن التخالط بين الفصيلتين حدث قبل 100 ألف سنة.
وقد حددتها الباحثة المرموقة في جامعة بنسلفانيا الأمريكية Sarah Tishkoff في المدة مابين 167,000ألف سنة ألى 68,000ألف سنة، وقد عملت بمعية من زملائها الباحثين على أستخلاص أقسام من الحمض النووي من أصبع القدم من المرأة النيادرتالية المكتشفت حديثا.
حيث وجدوا 1٪ إلى 7.1٪ من الحمض النووي الموجودة في عظام اصبع قدم النياندرتالية يرجع للإنسان الحديث العاقل جينيا.
هذه المادة الوراثية النيادرتالية هي الأفضل حفظا من أي وقت مضى. وبمقارنة حمضها النووي وجد الباحثون أن نتائج الحمض النووي لرفات النيادرتال في كل من إسبانيا وكرواتيا تكشف أن امرأة جبال الألطاي السيبيرية تحمل الكثير من الحمض النووي الخاص بالأنسان الحديث العاقل.
هذا الاكشتاف يلقي ضوءًا على تاريخ هجرة البشر. فإذا كان البشر الأوائل يمارسون الجنس مع النياندرتاليين قبل 100 ألف سنة، يعني هذا أنهم كانوا يفعلون ذلك خارج أفريقيا، لأن أقاربنا النياندرتاليين لم يُكونوا موجودين في القارة الأفريقية. وبذلك يكون البشر غادروا أفريقيا قبل انتشارهم الواسع، الذي حدث بعد 40 ألف سنة على هجرتهم.
يقول الباحثون أنه لا يُعرف كيف حدث هذا التزاوج، ولكن الاحتمالات تمتد من تبادل الشركاء والشريكات بصورة سلمية نسبيًا إلى إغارة مجموعة على أخرى وسبي نسائها مرورًا بتبني أطفال مهجورين أو يتامى.
وأضاف علماء الوراثة أنه ينبغي أن يكونوا قادرين في نهاية المطاف على أن يبيّنوا انتقال الحمض النووي في الاتجاهين عن طريق الذكور أو الإناث بالدرجة الرئيسة أو بنسبة متساوية بين الجنسين، ولكن ذلك يتطلب جمع المزيد من المعلومات.
في الصورة، ترميم أفتراضي لأمرأة مهجنة بين الأنسان العاقل الحديث و النياندرتال.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire