الحراتين ويطلق به على الزنوج القادمين من دول أفريقيا الوسطى وغرب أفريقيا جنوب الصحراء إلى شمال أفريقيا عبر تجارة الرقيق العابرة للصحراء الافريقية الكبرى ، حيث يتم أستقدامهم للعمل كمزارعين و فلاحين و نشر البذور كخدام وعبيد عند ملاك الحقول والبساتين من ذووا البشرة البيضاء
وقد تم شرائهم في مقابل الملح ومنتجات النخيل وبعر الجمال والفحم عن طريق تجارة العبيد ولما تم تحريرهم من طرف اسيادهم سمو حر ثاني اي حر من العبودية (بحسب تعريف البعض من مؤرخي الرواية الرسمية) في حين يرى المحققون أنها كلمة أمازيغية صرفة تلميحية لل"اللون الداكن" وهي مشتقة من اصل التسمية الأمازيغي (اهراضينن) وهي تعني عبيد المزارع و الحقول .
في الصورة الأولى أعلى المقال، فتاة حرتانية من واحة زاكورة
وينتشر استخدام هاذا المصطلح بالخصوص في واحات الجنوب الشرقي (وادي درعة) و واحات الشريط الحدودي مع الجزائر اللتي كانت تتصل قديما بطرق عبور القوافل التجارية الصحراوية في العصور الوسطى و اللتي كانت محملة بالعبيد (بين الفترة 1700 و 1900، استقدم أكثر من مليون من الافارقة الزنوج كعبيد وأماء الى المغرب) واللذين كانو نواة جيش البخاري اللذي اعتمد عليه السلطان المولى اسماعيل للقضاء على حركات التمرد داخل المغرب.
هاذا وينتشر الحراتين بشكل مكثف في كل من الجزائر و المغرب و موريطانيا و أيضا في تونس و يتمركزون بالخصوص في الواحات و يمتهنون الزراعة و العمل في الحقول وأغلبهم يتحدث الأمازيغية (خصوصا بالمغرب و جزئيا بالجزائر) أو الدارجة بشكل عام في كل من موريطانيا و الجزائر و تونس.
.ويرى البعض ان هناك حراتين مستعربة تتحدث فقط بالدارجة بالمغرب و توجد بشكل أخص في منطقة الغرب السهلية وتشمل مدن (سيدي قاسم و سيدي سليمان وسيدي يحيى و نواحي القنيطرة و مولاي بوسلهام)، لكن الرواية الرسمية تصنفهم كعرب من بني هلال والخلط (الخلوط) وبني سفيان. ألا ان هاذا الطرح يصطدم بعائق الملاحظة الأنثروبولوجية و نتائج تحاليل الحمض النووي.
فالزائر للمجال القروي و الحضري لمنطقة مصب وادي سبو بالغرب سيلاحظ أن الأمر يتعلق بجنس خلاسي (خليط بين البيض و السود) وتغلب عليهم ملامح برطمية تعود للعرق الزنجي و بشرة داكنة. بالاضافة لأمتهانهم للعمل الفلاحي في الغرب لدى ملاك الأراضي من الاقطاعيين و أصحاب المزارع الكبرى.
والمثير للانتباه هو عدم تملكهم لاراضي او ممتلكات ما يشير الى استقدامهم كعبيد في فترة من الفترات المتأخرة او توطينهم من طرف السلطات كما حدث بعد الاستقلال، مع العلم ان المنطقة عرفت تغيرات ديمغرافية قوية و رحيل كثير من سكانها الأصليين الى مناطق اخرى بالمغرب بسبب نزاعاتهم المتكررة مع المخزن حول الاراضي الخصبة اللتي تتمتع بها المنطقة واللتي كانت غالبا يتم تفويتها للأعيان و رجالات الكيش.
كذالك نفس الظاهرة تتكرر وتنطبق على مناطق اخرى سهلية بالشريط الاطلسي الغربي ولو بدرجة أقل كدكالة و عبدة وتادلة و الحوز...
وحاليا فأن معظم حراتين المغرب يصنفون أنفسهم ك "شلوح" أو "عرب" بحسب انتمائهم الجغرافي أو اللغة اللتي يتحدثون بها، وتطلق عليهم صفات قدحية في الشارع العام للدلالة على لون بشرتهم و تذكيرهم بماضي النخاسة اللتي عاني منها أجدادهم.
فرغم انتشار العنصرية في المغرب ، ألا ان الحراتين استطاعو الاندماج في المجتمع المغربي و اصبحوا تقريبا منتشرين في كل المدن المغربية بسبب انتشار التحضر و توسع سوق العمل فهاجروا مناطق تواجدهم الى الحواضر الكبرى وهناك بفعل الاحتكاك و الطبيعة البشرية تمازجوا مع باقي المغاربة.
وأصبح من الصعب حاليا وخصوصا في المدن ايجاد حرتاني قح مازال يحتفظ بملامح زنجية صرفة او بشرة داكنة وذالك راجع بسبب الاختلاط و التزاوج اللذي حصل لأسلافه مع البيض.
وأصبح لهم مشاهير على الشاشة المغربية و الدولية ويعتبرون كمغاربة كمثل باقي المغاربة، و رغم ان الدستور المغربي اشار الى المكون الافريقي في الديباجة الدستورية الا ان الاعتراف بالاقلية الحرتانية بالمغرب مازال بعيد المنال أولا بسبب غياب أي صوت من الحراتين أنفسهم حول مطالبتهم بالهوية و الانتماء ،وثانيا لأن المغرب يعترف فقط بالاقليات الدينية (كحال اليهود) في حين لم يعترف بعد بالاقليات الاخرى ولكن اشار الى وجودها تلميحيا.
الصورة الثانية : الوزير المغربي عبد العزيز الرباح منحدر من منطقة الغرب
تميز الحراتين بالمغرب بأضفاء موسيقى "كناوة" الى تراثه الموسيقي المعاصر وهو غناء من احدى طرق الصوفية اللتي اتبعها الحراتين في هجاء و رثاء ماضي الاجداد مع العبودية أو في استحضار الأسياد و الكرامات و الأولياء الصالحين و الأعتاب الشريفة.
الصورة الثالثة، فرقة كناوة الموسيقية
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire